للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى جميع الثقلين الانصياع لشريعته الكاملة الناسخة لما قبلها والعامة فيما ينفع الناس بمعاشهم ومصادرهم، كما قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (١).

فاليهود يريدون خلف هذه الدعوات كسر الطوق الذي فرض عزلتهم في العقيدة؛ لكي يجتمعوا مع المسلمين وقادة المؤسسات الإسلامية بهدف هدم جدار العقيدة، الذي يتحصن المسلمون وراءه شعوبا وجماعات في جهادهم ضد أعدائهم، ذلك أن عزتهم ونصرهم لا يكونان إلا بتوفيق الله، ثم باسم الإسلام عقيدة وعملا، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه (٤٠ ق هـ - ٢٣هـ): " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومتى ابتغينا العز بغيره أذلنا الله ".

ومن هذا تدرك محاولة أعداء دين الله في كل زمان بما يناسبه، وضع الشراك للمسلمين لتصيد عثرات منهم، في محاولة لصرفهم عن غايتهم التي خلقوا من أجلها، وللمباعدة بينهم وبين عقيدتهم التي رفعهم الله بها؛ ليكونوا خير أمة أخرجت للناس، ذلك أن الخيرية التي قال الله عنها: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (٢)،. لم تكن خاصة لشعب بذاته ولا لطائفة بعينها، ولكن هذا لمن رضي بشريعة الله دينا، واتبع هدي محمد صلى الله عليه وسلم وأدى حق ذلك، حسب الوصف لهذه الخيرية، كما توضحه باقي الآية الكريمة: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (٣)، ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إبانة أهداف اليهود والنصارى ونواياهم ضد الإسلام، وفضح أساليبهم ودعاواهم، وألا يشترك معهم في حوارهم


(١) سورة المائدة الآية ٤٨
(٢) سورة آل عمران الآية ١١٠
(٣) سورة آل عمران الآية ١١٠