للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المعدن الأصيل]

كان عمر في فتوته وشبابه ولم يكن بعد قد تزهد ونسك، وكان به ترف ونعيم إلا أنه كان يميل إلى الحق وإلى الخوف والخشية من الله، فإذا وعظه واعظ بكى واستغفر، ولكنه يرجع من جديد إلى ترفه ونعيمه، فقد كان يلبس من الثياب الناعم منها حتى إذا لبسها مرة تركها إلى غيرها، يقول السيوطي: -

كان قبل الخلافة على قدم الصلاح أيضا إلا أنه كان يبالغ في التنعم، فكان الذين يعيبونه من حساده لا يعيبونه إلا بالإفراط في التنعم والاختيال في المشية (١).

وهذه المشية التي كان يمشيها اشتهر بها، فسميت المشية العمرية، وقلدتها فتيات المدينة إلا أنه أقلع عنها بعد الخلافة.

وكان يتطيب من أحسن الطيب حتى أن الناس كانوا يذهبون إلى المغسلة لغسل ثيابهم مكان ثيابه حتى ينالها من طيبه وعطره، وتلك كانت هي القشرة الظاهرة لعمر، أما بداخله فكان في حاجة إلى أن يوقظه أحد.

وفي يوم من الأيام كان يمر بالمدينة ساحبا ثوبه جارا ذيله، فناداه محمد بن كعب القرظي أحد الفقهاء قائلا:


(١) تاريخ الخلفاء ص ٢١٣.