للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عمر والتكافل الاجتماعي]

لقد عمل عمر ابن عبد العزيز والتكافل الاجتماعي منذ ولايته على تجريد بني أمية من كثير من أملاكهم وإقطاعياتهم التي اقتطعوها بدون حق، وتمزيق صكوكها واحدا بعد الآخر، وإدخالها في بيت مال المسلمين، وصمد عمر لبني أمية، ولم يضعف أمام اعتراضاتهم المتكررة، ورد جميع الأراضي والحقوق التي اغتصبت من الناس لهم، وأعطى كل ذي حق حقه. وبعث إليه والي البصرة برجل اغتصبت أرضه فرد عمر هذه الأرض إليه، ثم قال له: كم أنفقت في مجيئك إلي؟ قال يا أمير المؤمنين تسألني عن نفقتي، وأنت قد رددت علي أرضي وهي خير من مائة ألف؟ فأجابه عمر: إنما رددت عليك حقك. ثم ما لبث أن أمر له بستين درهما كتعويض له عن نفقات سفره (١).

وعمل عمر على إزالة الضرائب المجحفة، وكانت قد فرضت على الناس قبل ذلك من أجل تنمية موارد الدولة، كأجور ضرابي النقود، وهدايا النيروز والمهرجان، وأجور الفيوج - أي رسول السلطان الذي يسعى بالكتب - وأجور البيوت، ودراهم النكاح (٢).

وأسقطت المكوس وأوضح عمر سبب ذلك بقوله: " أما المكس فإنه البخس الذي نهى الله عنه، فقال: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (٣). غير أنهم كنوه باسم آخر (٤).

وقد سبق أن أصدر أمره برفع الجزية عن كل الذين أسلموا ودخلوا الإسلام، رغم اعتراضات كثيرة من الولاة وأصحاب المصالح.


(١) ابن عبد الحكم ص١٤٦، ١٤٧.
(٢) تاريخ الأمم والملوك ج ٦ ص ٢٦٩.
(٣) سورة هود الآية ٨٥
(٤) ابن عبد الحكم ص ٩٨، ٩٩.