للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سادسا: ما يعتبر قبضا للرهن مع الأدلة والمناقشة: المرهون إما أن يكون مما لا يمكن نقله أو لا، فالأول كالدور والأرضين، اتفق الفقهاء على أن قبضه تخلية راهنه بينه وبين مرتهنه لا حائل دونه. وإن كان مما يمكن نقله: فإما أن يكون مكيلا أو موزونا أو معدودا أو مذروعا أو لا. فالأول قد اتفق الفقهاء على أن قبضه بكيله في المكيل إذا رهن كيلا، ووزنه إذا رهن وزنا، وعده إذا رهن عدا، وذرعه إذا رهن ذرعا، والثاني: كصبرة من طعام بيعت جزافا ونحوها من المنقولات، فهل قبضه لا يتم إلا بنقله أو أن التخلية تكون قبضا؟ قولان.

القول الأول: أنه لا يتم قبض إلا بالفعل، وممن قال بهذا أبو يوسف من الحنفية، وهو المذهب عند الحنابلة، وبه قال ابن حزم، قال الزيلعي: عن أبي يوسف أن القبض في المنقول لا يثبت إلا بالنقل. وقال الخرقي: فإن كان مما ينقل فقبض المرتهن له أخذه له إياه من راهنه منقولا. وقال ابن حزم: وصفة القبض في الرهن وغيره هو: أن يطلق يده عليه فإن كان مما ينقل نقله إلى نفسه. . . . إلخ.

واستدل لهذا القول بالكتاب والسنة والمعنى:

أما الكتاب: فقوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (١)

وجه الدلالة: ما ذكره صاحب مجمع الأنهر: أنه أمر بالرهن لأن المصدر متى قرن بإلغاء محل الجزاء يراد به الأمر كما وقع في كثير من القرآن. والأصل أن المنصوص يراعى وجوده على أكمل الجهات.

وناقش ذلك: بأن المنصوص إنما يراعى وجوده على أكمل الجهات إذا نص عليه بالاستقلال، وأما ما ذكر تبعا للمنصوص فلا يجب أن يراعى وجوده كما


(١) سورة البقرة الآية ٢٨٣