للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالتفويض إنما هو للكيفية، وأما المعاني فهي معلومة مفسرة لا تفويض فيها ولا غموض، ولا يلزم من إثبات صفات الله بالمعاني التي دلت عليها النصوص تشبيه الله بخلقه؛ لأن لله صفات تخصه وتليق به، وللمخلوقين صفات تخصهم وتليق بهم، ولا يلزم من الاشتراك في المعنى الكلي الموجود في الأذهان بين صفات الله وصفات خلقه الاشتراك في الحقيقة والكيفية الخارجية، وقد أثبت الله لنفسه تلك الصفات، ونفى عن نفسه المماثلة والمشابهة للمخلوقات، فقال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (١).

فأثبت له السمع والبصر، ونفى عن أن يماثله شيء، وهكذا سائر الصفات، فدل على أن إثبات الصفات لا يلزم من التشبيه كما يقول أبو زهرة وأضرابه، ومن العجب أن يحتج على بطلان ما ذكره شيخ الإسلام من إثبات صفات الله على ما يليق به سبحانه بمخالفة الغزالي والماتريدي وابن الجوزي له، ويرجح مذهبهم فيقول: ولذلك فنحن نرجح منهاج الماتريدي ومنهاج ابن الجوزي ومنهاج الغزالي.

هكذا يرغب أبو زهرة عن مذهب السلف إلى مذهب هؤلاء، - وللناس فيما يعشقون مذاهب -، لكنه استبدل الباطل بالحق.

واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} (٢).

- ينسب القول بالمجاز إلى الصحابة فيقول: إن الصحابة كانوا يفسرون بالمجاز إن تعذر إطلاق الحقيقة، كما يفسرون بالحقيقة في ذاتها، هكذا قال في حق الصحابة، ينسب إليهم القول بالمجاز في تفسير


(١) سورة الشورى الآية ١١
(٢) سورة الكهف الآية ٥٠