للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٥٢٠ - ٥٩٥هـ) يعترف بقصور العلم الإنساني، وبأنه نسبي، وبأن نتائجه يلحقها النقص والخطأ. ويعلل أستاذنا المرحوم الدكتور " محمود قاسم " هذه الفكرة أو يوضحها فيقول: " وليست هذه القضية الأخيرة في حاجة إلى برهان؛ لأننا نرى أن العلم يتقدم مع الزمن، وأن بعض الآراء التي كان يظن أنها صادقة، قد بدت خاطئة، مناقضة لما يقضي به العقل الذي شب عن الطوق ".

٢ - إسحاق بن إبراهيم: ومن الأمثلة التي تؤيد ما فهمناه من موقف السلف الواضح في إثباتهم لجميع ما ورد من نصوص صحيحة، فيها نسبة صفة إلى الله، أو نسبة اسم إليه سبحانه، ما ذكره " حرب بن إسماعيل " حيث قال: " سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: ليس في النزول وصف. قال: وقال إسحاق: لا يجوز الخوض في أمر الله كما يجوز الخوض في أمر المخلوقين؛ لقوله تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (١).

ولا يجوز أن يتوهم على الله بصفاته وفعاله، بفهم ما يجوز التفكر والنظر فيه من أمر المخلوقين، وذلك أنه يمكن أن يكون الله موصوفا بالنزول كل ليلة - إذا مضى ثلثها إلى السماء الدنيا كما شاء، ولا يسأل كيف نزوله؟ لأن الخالق يصنع ما شاء كيف شاء " ومعنى هذا: أن دلالة أو مفهوم كلمة " النزول " التي جاءت في الحديث الصحيح لا يمكن، ولا يجوز أن ننظر إليها من خلال حركات، أو مدلول هذه الكلمة في العالم الإنساني، أو من خلال التجارب البشرية.


(١) سورة الأنبياء الآية ٢٣