للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دالة دلالة أكيدة على أنه (خلقه بيده، وأنه قد فعله بيده، وخلق هؤلاء بقوله: " كن فيكون ") (١).

٣ - ويضاف إلى ذلك، أن ثمة فرقا بين قولهم: " بيده الملك " وقولهم: " عملته يداك "، وهو أن التعبير الأول يقع فيه المجاز كثيرا، لكن مع هذا فالتعبيران كلاهما يدلان على معنيين متلازمين، الأول: (إثبات اليد. الثاني: إضافة الملك، والعمل إليهما) (٢).

٤ - ومما يؤيد ما ذكرناه: أن العرب لا يطلقون " عملته يداك " إلا لجنس له يد حقيقة، ومن ثم فإنهم (لا يقولون: يد الهواء، ولا يد الماء) (٣)، بل لو سلمنا جدلا (أن قوله:

{بِيَدِهِ الْمُلْكُ} (٤)

قد علم منه أن المراد: بقدرته) (٥)، فإن هذا لا يقبل (إلا لمن له يد حقيقة) (٦).

٥ - أما قوله تعالى: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} (٧)

فقد جاءت بصيغة الجمع؛ لأن من أساليب اللغة العربية أن يوضع اسم الجمع (موضع التثنية إذا أمن اللبس. كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (٨)

[المائدة: ٣٨]، وقوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (٩)

[التحريم: ٤] (١٠).

وهكذا رأينا أن الالتزام بالمنهجية العلمية في تناول هذه القضية من قبل علماء السلف، كان هو الدافع الرئيسي الذي جعلهم يرفضون قطعيا أن


(١) الرسالة المدنية، ص / ١٢.
(٢) الرسالة المدنية، ص / ١٢.
(٣) الرسالة المدنية، ص / ١٢.
(٤) سورة الملك الآية ١
(٥) الرسالة المدنية، ص / ١٢.
(٦) الرسالة المدنية، ص / ١٢.
(٧) سورة يس الآية ٧١
(٨) سورة المائدة الآية ٣٨
(٩) سورة التحريم الآية ٤
(١٠) الرسالة المدنية، ص / ١٢.