للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الذهبي في تاريخه الكبير بعد ترجمة طويلة بحيث يصدق عليه أن يقال: كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث) (١).

وترجم له ابن الزملكاني ترجمة طويلة، وأثني عليه ثناءا عظيما، وقال: (ما رأينا في عصرنا هذا من تستجلى النبوة المحمدية وسننها من أقواله وأفعاله إلا هذا الرجل، يشهد القلب الصحيح أن هذا هو الاتباع حقيقة) (٢).

وقال الحافظ المزي: (ما رأيت أحدا أعلم بكتاب الله وسنة رسوله ولا أتبع لهما منه) (٣).

وقال أبو حفص البزار: (أما معرفته وبصره بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقواله وأفعاله وقضاياه ووقائعه وغزواته وسراياه وبعوثه وما خصه الله تعالى من كراماته ومعجزاته ومعرفته بصحيح المنقول عنه وسقيمه، والمنقول عن الصحابة - رضي الله عنهم - في أقوالهم وأفعالهم وقضاياهم وفتاويهم، وأحوالهم وأحوال مجاهداتهم في دين الله، وما خصوا به من بين الأمة، فإنه كان - رضي الله عنه - من أضبط الناس لذلك وأعرفهم فيه، وأسرعهم استحضارا لما يريده منه، فإنه قل أن ذكر حديثا في مصنف وفتوى أو استشهد به أو استدل به إلا عزاه في أي دواوين الإسلام هو، ومن أي قسم من الصحيح أو الحسن أو غيرها، وذكر اسم راوية من الصحابة، وقل أن يسأل عن أثر إلا وبينه في الحال، حاله، وحال أمره، وذكره.

ومن أعجب الأشياء في ذلك أنه في محنته الأولى بمصر أخذ وسجن، وحيل بينه وبين كتبه، صنف عدة كتب صغارا وكبارا، وذكر فيها ما احتاج إلى ذكره من الأحاديث والآثار وأقوال الصحابة وأسماء المحدثين والمؤلفين ومؤلفاتهم، وعزا كل شيء من ذلك إلى ناقليه وقائليه بأسمائهم، وذكر أسماء الكتب التي ذكر فيها، وفي أي موضع فيها، كل ذلك بديهة من حفظه؛ لأنه لم يكن عنده حينئذ كتاب يطالعه.


(١) الكواكب الدرية، ص / ١٤٥.
(٢) مقدمة علم الحديث لابن تيمية، ص / ٤٥.
(٣) الرد الوافر، ص / ١٢٩.