للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنهم قد اعتادوا عبادة الأصنام والأوثان والأولياء والأشجار وغير ذلك والذبح لهم والنذر لهم، وطلبهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب، فاستنكروا هذه الكلمة؛ لأنها تبطل آلهتهم ومعبوداتهم من دون الله.

وقال سبحانه في سورة الصافات: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (١) {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} (٢).

فسموا النبي عليه الصلاة والسلام شاعرا مجنونا بجهلهم وضلالهم وعنادهم، وهم يعلمون أنه أصدق الناس وأنه الأمين، وأنه أعقل الناس، وأنه ليس بشاعر، ولكنه الجهل والظلم والعدوان والمغالطة والتكذيب والتشبيه على الناس، فكل من لم يحقق هذه الكلمة ويعرف معناها ويعمل بها فليس بمسلم، فالمسلم هو الذي يوحد الله ويخصه بالعبادة دون كل ما سواه، فيصلي له ويصوم له ويدعوه وحده ويستغيث به وينذر ويذبح له إلى غير ذلك من أنواع العبادات، ويعلم يقينا أن الله سبحانه هو المستحق للعبادة، وأن ما سواه لا يستحقها، سواء كان نبيا أو ملكا أو وليا أو صنما أو شجرا أو جنيا أو غير ذلك، كلهم لا يستحقون العبادة، بل هي حق لله وحدة، ولهذا قال الله عز وجل:

{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (٣).

يعني أمر وأوصى ألا تعبدوا إلا إياه، وهذا هو معنى لا إله إلا الله، وهو أنه لا معبود حق إلا الله، فهي نفي وإثبات؛ نفي للإلهية عن غير الله، وإثبات لها بحق لله وحده سبحانه وتعالى. فالإلهية التي يوصف بها غير الله باطلة، وهي لله وحده بحق ثابت له سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (٤).


(١) سورة الصافات الآية ٣٥
(٢) سورة الصافات الآية ٣٦
(٣) سورة الإسراء الآية ٢٣
(٤) سورة الحج الآية ٦٢