للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشهد، وعلى أن ذلك سواء، ويعتبر شهادة تامة يجب على القاضي الحكم بها، بأن الغرض من الشهادة هو إخبار الشاهد عما علمه ليتمكن القاضي من الحكم وإيصال الحق إلى صاحبه، وهذا يتحقق بأي لفظ يفيد العلم؛ كأتيقن أو أعلم أو رأيت أو سمعت. . إلخ فينبغي المصير إلى اعتبار هذه الألفاظ.

أما القول بأن النصوص استعملت لفظ الشهادة فيرد عليه بأن الشرع استعمل لفظ الشهادة مرادفا لألفاظ أخرى، مما يؤكد عدم تفرد لفظ الشهادة بمعنى خاص، وأن الله تبارك وتعالى قال:

{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (١).

وروى مسلم بسنده عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ (ثلاثا): الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، أو قول الزور. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت (٢)».

وعن عبيد الله بن أبي بكر، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكبائر، قال: «الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وقول الزور (٣)».

فجاء في نص الحديث الشريف قول الزور مرادفا لشهادة الزور، وعلى هذا فإن القول والشهادة سواء.

وورد في القرآن الكريم قوله تعالى: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ} (٤).

ومعلوما قطعا أنه ليس المراد التلفظ بلفظ "أشهد" في هذا، بل مجرد


(١) سورة الحج الآية ٣٠
(٢) صحيح البخاري الشهادات (٢٦٥٤)، صحيح مسلم الإيمان (٨٧)، سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٠١٩)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٧).
(٣) رواه البخاري، ومسلم، والترمذي، وأحمد، عن أبي بكرة، واللفظ لمسلم، انظر: صحيح مسلم جـ ١ ص ٩١، صحيح البخاري جـ ٣ ص ١٥١، جـ ٧ ص ٧٠، ٧١، سنن الترمذي جـ ٤ ص ٥٤٨.
(٤) سورة الأنعام الآية ١٥٠