للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مغلوبة على أمرها، كما أن إباحة التعدد لا يستفيد منه جميع طبقات المجتمع، وإنما يستفيد منه ذوو الثراء والجاه وحدهم؛ إذ هم القادرون على التعدد والإنفاق، ودفع تكلفة الزواج، وهم القادرون على تحقيق مطالب الزوجات والأولاد.

وللأسف نجد بعض المسلمين يزهد في التعدد ويحاول تصويره بأنه كله مشكلات وأعباء، وما ذلك إلا لعدم ثقته بالله تعالى المشرع والمنظم، ولضعف إيمانه بأحكام دينه.

بل إن بعضهم يحاول أن يجعل من النصوص الشرعية ما يؤيد رأيه ووجهته في منع التعدد، فيجعل قول الله تعالى:

{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} (١). وقوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} (٢).

دليلا له على منع التعدد في الظروف العادية؛ إذ شرط التعدد هو العدل، وهو متعذر وغير مستطاع؛ لذا يمنع التعدد، لأنه إذا امتنع الشرط الذي هو العدل امتنع المشروط الذي هو التعدد، وليس الأمر كذلك؛ لأن العدل المنفي في قوله:

{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} (٣)

هو المحبة القلبية؛ لأن القلوب ليست ملكا لأصحابها، فلا يملك المرء التحكم في قلبه، فهو بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعدل بين زوجاته في القسم والنفقة والمبيت والسكنى ويقول:


(١) سورة النساء الآية ٣
(٢) سورة النساء الآية ١٢٩
(٣) سورة النساء الآية ١٢٩