للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضعيف - الذي يقدمه على القياس - هو الباطل أو المنكر أو ما في روايته متهم، بل كان يقدم الحديث الضعيف ضعفا محتملا على القياس، كما حرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، والله أعلم.

بعد هذا العرض الموجز في أصول مذهب الإمام أحمد أقول: إن الإمام أحمد بن حنبل أحد المحدثين البارزين، جمع من علمه بالحديث ورجاله فقها استطاع به أن يعرف دلائل النصوص ومراميها. فقد قال إسحاق بن راهويه رحمه الله تعالى: "كنت أجالس بالعراق: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأصحابنا، وكنا نتذاكر الحديث من طريق وطريقين وثلاثة. فيقول يحيى بن معين من بينهم: وطريق كذا. فأقول: أليس هذا صح بإجماع منا؟ فيقولون: نعم. فأقول: ما مراده، ما تفسيره، ما فقهه؟! فيبقون كلهم إلا أحمد بن حنبل ".

وقد أثنى كثير من العلماء على فقه الإمام أحمد بن حنبل ثناء عظيما، ومن ذلك ما قاله شيخه عبد الرزاق بن همام: "ما رأيت أفقه من أحمد بن حنبل ولا أورع".

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: "انتهى العلم إلى أربعة: إلى أحمد بن حنبل وهو أفقههم فيه، وإلى ابن أبي شيبة وهو أحفظهم له، وإلى علي بن المديني وهو أعلمهم به، وإلى يحيى بن معين وهو أكتبهم له".

وهذه شهادة جليلة من أبي عبيد الذي قال عنه إبراهيم الحربي: "رأيت أبا عبيد القاسم بن سلام ما مثله إلا بجبل نفخ فيه روح" (١)،


(١) مناقب الإمام (ص٦٢).