للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالعقوبات شرعت لمصلحة تعود إلى كافة الناس) (١).

ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى: (إن الله أوجب الحدود على مرتكبي الجرائم التي تتقاضاها الطباع، وليس عليها وازع طبيعي، والحدود عقوبات لأرباب الجرائم في الدنيا كما جعلت عقوبتهم في الآخرة بالنار إذا لم يتوبوا، ثم إن الله تعالى جعل التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فمن لقيه تائبا توبة نصوحا لم يعذبه مما تاب منه) (٢) ويقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: (شرعت العقوبات رحمة من الله تعالى بعباده، فهي صادرة عن رحمة الخلق وإرادة الإحسان إليهم، ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على ذنوبهم أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة بهم كما يقصد الوالد تأديب ولده، وكما يقصد الطبيب معالجة المريض) (٣).

ويقول الدهلوي رحمه الله تعالى في كتابه حجة الله البالغة: (اعلم أن من المعاصي ما شرع الله فيه الحد وذلك كل معصية جمعت وجوها من المفسدة، بأن كانت فسادا في الأرض واقتضابا على طمأنينة المسلمين، وكانت لها داعية في نفوس بني آدم لا تزال تهيج فيها، ولها ضراوة لا يستطيع الإقلاع منها بعد أن أشربت قلوبهم بها وكان فيه ضرر لا يستطيع المظلوم دفعه عن نفسه في كثير من الأحيان، وكان كثير الوقوع فيما بين الناس، فمثل هذه المعاصي لا يكفي فيها الترهيب بعذاب الآخرة، بل لا بد من إقامة ملامة شديدة عليها وإيلام ليكون بين أعينهم ذلك فيردعهم عما يريدونه. ثم مثل ببعض المعاصي، إلى أن قال: وكالسرقة؛ فإن الإنسان كثيرا ما لا يجد كسبا صالحا فينحدر إلى السرقة


(١) قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام، جزء (١)، ص ٤.
(٢) أعلام الموقعين، جزء (٣)، ص ١٥٦.
(٣) اختيارات ابن تيمية، ص ٥٩٣.