للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا عبرة أعظم من قطع يد السارق في السرقة يفتضح بها صاحبها طول حياته، ويوسم بميسم الخزي والعار يلاحقه حتى مماته) (١).

ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى (٢):

(ومن المعلوم أن عقوبة الجناة والمفسدين لا تتم إلا بمؤلم يردعهم ويجعل الجاني نكالا وعظة لمن يريد أن يفعل مثل فعله، وعند هذا فلا بد من إفساد شيء منه بحسب جريمته في الكبر والصغر والقلة والكثرة).

ويقول العز بن عبد السلام في قواعده الفقهية: (من أمثلة الأفعال المشتملة على المصالح والمفاسد مع رجحان مصالحها على مفاسدها قطع يد السارق؛ فإنه إفساد لها ولكنه زاجر حافظ لجميع الأموال، فقدمت مصلحة حفظ الأموال على مفسدة قطع يد السارق) (٣) اهـ.

ومن الحكمة في قطع اليد ما قاله الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيره حيث قال:

{جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} (٤) هذا تعليل للحد، أي: اقطعوا أيديهما جزاء لهما بعملهما وكسبهما السيئ، ونكالا وعبرة لغيرهما، فالنكال مأخوذ من النكل وهو (بالكسر) قيد الدابة، ونكل عن الشيء عجز أو امتنع لمانع صرفه عنه.

فالنكال هنا ما ينكل الناس ويمنعهم أن يسرقوا، ولعمر الحق أن قطع اليد الذي يفضح صاحبه طول حياته ويسمه بميسم الذل والعار وهو أجدر العقوبات بمنع السرقة وتأمين الناس على أموالهم، وكذا على أرواحهم؛ لأن الأرواح كثيرا ما تتبع الأموال، إذا قاوم أهلها السراق عند العلم بهم، إلى أن قال: فهو سبحانه يضع الحدود والعقوبات بحسب


(١) جزء (١)، ص ٤٠.
(٢) إعلام الموقعين، جزء (٢)، ص ١٠٣.
(٣) جزء (١)، ص ١١٦.
(٤) سورة المائدة الآية ٣٨