للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعزل الشيوخ الذين كان لا يطمئن إليهم من تعليم الأطفال، ونظم خطة القضاء وأصول المرافعة على الوجه الضامن للحقوق (١).

وأما في المغرب فبعد استقرار الحكم الإسلامي فيه خصوصا بعد سنة ١٣٥ وبعد وصول المولى إدريس سنة ١٧٢ وبناء حديقة فاس (١٩٣) حل بفاس جماعة من العلماء أتوا من قرطبة إثر واقعة الربض المشهورة سنة ١٩٧ فكانوا نواة نشر العلوم الإسلامية، ثم ظهر العلامة عمران بن عبد الله العمري من أهل بصرة المغرب، القريب من مدينة فاس (اندثرت) ومعاصراه أحمد بن حذاقة، وبشار بن بركانة من بصرة المغرب أيضا، وهؤلاء الثلاثة قصدوا الديار المقدسة، وتزودوا بالعلم العزيز، ثم قفلوا إلى بلادهم ينشرون العلم بين الناس، ثم ظهر (بوميمونة) دارس بن إسماعيل الفاس، وكان من الفقهاء الأعلام المطلعين على أسرار الفقه المالكي، وأخذ عن ابن اللباد القيرواني معاصر الشيخ ابن أبي زيد القيرواني، وتوفي سنة ٣٥٠ هـ وبدارس هذا صار المغرب مركزا أساسيا للفقه المالكي، كما ظهر العلم في لمتونة من قبائل المغرب.

ولقد كانت المراكز التي تدرس فيها العلوم، هي المساجد، وأحيانا بيوت العلم نفسها.

ونفس الشيء كان بفارس أي ما وراء النهر، والأندلس وغيرهما من الأقطار التي عمتها الدعوة الإسلامية، والتي يطول بنا الحال لو استمررنا في تعدادها.

فلقد ذكر، أن الحكم المستنقي خليفة قرطبة اتخذ المؤدبين يعلمون أولاد الضعفاء والمساكين القرآن حول المسجد الجامع، وبكل ربض من أرباض قرطبة، ولم يكن إذ ذاك بالأندلس مدارس للتعليم وتلقين العلوم، وإنما كانت المساجد هي مكان تعليمهم.

فلقد ورد في نسخة عتيقة لشرح ابن رشد على العتبية أنها نسخت من نسخة قرئت على ابن رشد بمسجده بقرطبة، وذكر ابن حزم في " طوق الحمامة " أنه أخذ الحديث في جامع قرطبة وفي المسجد القمري بها (٢) ولم تتخذ المدارس بالمغرب إلا في زمن الدولة الموحدية، أما قبل ذلك فكانت الدروس تلقى بالمساجد، وكان المسجد الجامع الذي بناه المولى إدريس قبل أن يبنى جامع القرويين مكانا للدراسة أيضا.


(١) " أليس الصبح بقريب " صـ ٦٧، ٦٨.
(٢) " أليس الصبح بقريب ".