للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كله في الدين وحي من عند الله عز وجل ولا شك في ذلك، ولا خلاف بين أحد من أهل اللغة والشريعة في أن كل وحي نزل من عند الله تعالى فهو ذكر منزل، فالوحي كله محفوظ بحفظ الله تعالى له بيقين. . لا سبيل البتة إلى ضياع شيء قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدين ولا سبيل البتة أن يختلط به باطل موضوع اختلاطا لا يتميز عن أحد من الناس بيقين إذ لو جاز ذلك لكان الذكر غير محفوظ) (١).

وقد حفظ الصحابة - رضي الله عنهم - سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدورهم وكان بعضهم يكتب بعض الأحاديث وكانوا يتمتعون بقوة ذاكرة مكنتهم من حفظ الكتاب والسنة. وما قيل إن الصحابة لم يدونوا السنة وقد نهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي- قال همام: أحسبه قال- متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (٢)» يتعارض مع ما ثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم - من كتابة السنة كما يتعارض مع أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتابة السنة في بعض الأحيان فمن ذلك:

١ - «أن رجلا من اليمن طلب من الصحابة يوم فتح مكة أن يكتبوا له خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فوافق - صلى الله عليه وسلم - على ذلك وقال: اكتبوا لأبي شاه (٣)».

٢ - عن أبي هريرة قال: (ما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد أكثر حديثا


(١) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ١/ ١١٤ - ١١٥.
(٢) رواه مسلم في كتاب الزهد باب التثبت في الحديث ٤/ ٢٢٩٨ - ٢٢٩٩. ولم يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن كتابة السنة إلا حديث أبي سعيد في إحدى طريقيه ثم إن العلماء اختلفوا في رفع هذا الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أو وقفه على أبي سعيد. أما الطريق الآخر عن أبي سعيد فإنها منكرة. وأما حديث أبي هريرة وزيد بن ثابت في النهي عن كتابة السنة فإنها لم تصح. انظر دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه د. الأعظمي ص٧٦ - ٨٧.
(٣) رواه البخاري في كتاب العلم باب كتابة العلم ١/ ٣٦ وفي رواية البخاري " اكتبوا لأبي فلان "