للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة القولية والعملية مبينة ذلك بيانا شافيا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا كما رأيتموني أصلي (١)». وقال أيضا: «لتأخذوا عني مناسككم (٢)». وقال: «ليس فيما دون خمسة أو سق صدقة (٣)».

كما أن السنة قد تكون مقررة، ومؤكدة لما جاء في القرآن الكريم، فيكون الحكم في هذه الحالة مستندا إلى دليلين، ومستمدا من مصدرين رئيسيين. وذلك جملة الأحكام الثابتة في القرآن، فجاءت السنة مؤكدة لها، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «قد فرض الله عليكم الحج (٤)» حيث جاء مؤكدا لوجوب الحج، في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (٥).

إضافة إلى أنها قد تثبت أحكاما جديدة، لم تثبت في القرآن الكريم، ولا أدل على ذلك من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «يوشك الرجل متكئا على أريكته، يحدث بحديثي فيقول: "بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه" ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله (٦)».

قال الأمام الشافعي في رسالته الأصولية، مبينا نسبة السنة إلي القرآن:


(١) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة، جـ١ ص١٦٢ - ١٦٣، وانظر فتح الباري جـ٢ ص١١١.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه، باب لتأخذوا مناسككم جـ٢ ص٩٤٣، وأخرجه أبو داود في المناسك، باب رمي الجمار، جـ١ ص٤٥٦، وأخرجه أحمد في مسنده جـ٣ ص٣٣٧ - ٣٣٨، وانظر الفتح الرباني جـ١٢ ص١٨٣.
(٣) أخرجه البخاري في الزكاة، باب ما أدى زكاته فليس بكنز جـ٢ ص١٣٣، وباب زكاة الورق جـ٢ ص١٤٤، وباب ليس فيما دون خمس ذو صدقة جـ٢ ص١٤٧، وباب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة جـ٢ ص١٥٦، وأخرجه مسلم في أول كتاب الزكاة جـ٢ ص٦٧٤ - ٦٧٥.
(٤) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، انظر الفتح الرباني، جـ١١ ص١٥، والنسائي في سننه، باب وجوب الحج، جـ٥ ص١١١، والحاكم جـ٢ ص٢٩٣ وصحح إسناده، وأقره الذهبي.
(٥) سورة آل عمران الآية ٩٧
(٦) أخرجه ابن ماجه في باب تعظيم حديث رسول الله، والتغليظ على من عارضه جـ١ ص٦ ونقل الألباني تصحيحه، في كتاب صحيح سنن ابن ماجه، جـ١ ص٦ مكتب التربية العربي.