للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قواعد معينة لكل فريق من العلماء، يستند إليها في استنباط الأحكام.

وبالرجوع إلى تلك القواعد، حصل الخلاف عند التطبيق على بعضها، فكان الخلاف على منهجين رئيسين:

منهج علماء الحنفية.

ومنهج جمهور علماء الأمة.

حيث هما دولاب الحركة، والقطب الذي يبث إشعاعاته، لتنشيط حركة البحث العلمي، وبيان أحكام الله، وذلك للسعي الحثيث. من علماء الأمة لإحقاق الحق، وإن كانت بعض حقب التاريخ قد نقلت لنا جوانب من الجدل المذهبي لإثبات كل لرأيه، ورد رأي خصمه، إلا أن الذي يشفع لنا في هذا المقام ما روي عن علمائنا من توجيه، بأن المراد إحقاق الحق، على يد من كان ظهوره، كما ورد عن الإمام الشافعي من قوله: (ما ناظرت أحدا على الغلبة، إلا على الحق عندي) (١).

فعبارة الشافعي هذه لا تنم إلا عن الحق، ولا تشي إلا بالبحث عن الحق، فالحق رائدهم، والحق مطلبهم، وقد قرروا ذلك جميعا حين أشاروا إلى تلامذتهم بأنه إذا صح الحديث فهو مذهبهم.

وإذا ما بدأ الإنسان البحث في موضوع خلافي، وترجح لديه جانب إمام معين، ومذهب من مذاهب علماء الأمة، فذلك لا يعني الانتقاص من جانب الآخرين؛ إذ قد كفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأجر للطرفين، المخطئ والمصيب، وذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر (٢)».

وإن من القواعد التي دخلت في إطار الخلاف بين أصحاب المنهجين،


(١) الذهبي: سير أعلام النبلاء، جـ١٠ ص٩٢.
(٢) أخرجه البخاري في الاعتصام، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ جـ٩ ص١٣٢ - ١٣٣. ومسلم في الأقضية باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ جـ٣ ص١٣٤٢، وأبو داود في الأقضية باب القاضي يخطئ جـ٢ ص٢٨٦ وأخرجه أحمد جـ٤ ص١٩٨، ٢٠٤.