للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فذهب الشافعي إلى القول بفرضية النية في الوضوء والغسل، وكونها شرطا لا يصح وضوء ولا غسل بلا نية، وهو مذهب الإمام مالك، وبه أخذ أحمد وإسحاق وأبو ثور وداود الزهري وربيعة شيخ مالك.

وقال صاحب الحاوي هو قال جمهور أهل الحجاز.

وذهب أبو حنيفة إلى عدم فرضية النية، فيصح الوضوء والغسل بدونها، ولكنها مستحبة لتحصيل الثواب (١).

هذا وقد استدل الشافعي ومن معه بأدلة منها:

(أ) قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (٢)». ووجه دلالة الحديث أن لفظ إنما للحصر، وليس المراد صورة العمل، حيث إن الصورة توجد بلا نية، وإنما المراد أن حكم العمل لا يثبت بلا نية.

(ب) وفوق ذلك كله قوله عز وجل:

{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (٣).

والإخلاص عمل القلب وهو النية، والأمر يقتضي الوجوب. وعليه فنحن مأمورون بالطهارة، ولا تتحقق العبادة والإخلاص فيها إلا بقصد ونية، وهذا هو المطلوب (٤).

أما الحنفية فقد استدلوا بقوله تعالى:

{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} (٥) الآية.

حيث هي عددت الأعمال المطلوبة حال القيام إلى الصلاة وليس منها النية، فما ذكر في الآية هو فرائض الوضوء ليس غير، وإذا أثبتنا.


(١) عبد الله الموصلي الحنفي: الاختيار لتعليل المختار جـ١ ص٧.
(٢) صحيح البخاري بدء الوحي (١)، صحيح مسلم الإمارة (١٩٠٧)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (١٦٤٧)، سنن النسائي الطهارة (٧٥)، سنن أبو داود الطلاق (٢٢٠١)، سنن ابن ماجه الزهد (٤٢٢٧)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٣).
(٣) سورة البينة الآية ٥
(٤) النووي: المجموع، جـ١ ص٣٦٣، ابن قدامة: المغني جـ١ ص١١٠ - ١١١.
(٥) سورة المائدة الآية ٦