للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فذهب الإمام الشافعي إلى أن قراءة الفاتحة فرض من فروض الصلاة، وهو مذهب الإمام مالك، والصحيح من مذهب أحمد وبه أخذ الأوزاعي (١).

وذهب الحنفية إلى أن قراءة سورة من القرآن، أو ثلاث آيات من أي سورة، أو آية طويلة، أو الفاتحة، فرض. ولا تتعين الفاتحة بالفرضية، بحيث لا تصح الصلاة إلا بها، وإنما تتعين القراءة مطلقا، والفاتحة عندهم واجبة من واجبات الصلاة (٢).

أما الفريق الأول فقد استدلوا بما يلي:

أ- قوله - صلى الله عليه وسلم - «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (٣)».

وتوجيه الاستدلال بهذا الحديث أنه نفى حقيقة الصلاة بانتفاء القراءة للفاتحة، زد على ذلك أنه لا يمتنع أن يقال: إن قوله (لا صلاة) نفي بمعنى النهي: أي لا تصلوا إلا بقراءة فاتحة الكتاب، ونظيره ما رواه مسلم من طريق عائشة مرفوعا «لا صلاة بحضرة الطعام (٤)». "فإنه في صحيح ابن حبان بلفظ «لا يصلي صلاة بحضرة الطعام (٥)».

وقد يكون النفي نفي الأجزاء والصحة، لا نفي كمال، بدليل رواية الإسماعيلي من طريق العباس بن الوليد النرسي بلفظ «لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب (٦)» وهناك شاهد يؤيده بلفظ «لا تقبل صلاة لا يقرأ فيها فاتحة الكتاب (٧)».

ب- قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي


(١) ابن قدامة: المغني جـ١ ص٤٨٥، النووي: المجموع جـ٣ ص٢٨٥، ابن رشد: بداية المجتهد جـ١ ص١٠٩.
(٢) المرغيناني: الهداية جـ١ ص٤٨، الكاساني: بدائع الصنائع جـ١ ص٤٣٣ المجموع جـ٣ ص٢٨٦.
(٣) صحيح البخاري الأذان (٧٥٦)، صحيح مسلم الصلاة (٣٩٤)، سنن الترمذي الصلاة (٢٤٧)، سنن النسائي الافتتاح (٩١١)، سنن أبو داود الصلاة (٨٢٢)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (٨٣٧)، سنن الدارمي الصلاة (١٢٤٢).
(٤) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٦٠)، سنن أبو داود الطهارة (٨٩)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٧٣).
(٥) انظر فتح الباري جـ٢ ص٢٨٣، والحديث الأول أخرجه مسلم في المساجد جـ١ ص٣٩٣ باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، والحديث الأول أخرجه مسلم في المساجد جـ١ ص٣٩٣ باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، والحديث الثاني أخرجه ابن خزيمة، باب الزجر عن مدافعة البول والغائط في الصلاة برقم ٩٣٣ جـ٢ ص٦٦.
(٦) صحيح البخاري الأذان (٧٥٦)، صحيح مسلم الصلاة (٣٩٤)، سنن الترمذي الصلاة (٢٤٧)، سنن النسائي الافتتاح (٩١١)، سنن أبو داود الصلاة (٨٢٢)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (٨٣٧)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣١٣)، سنن الدارمي الصلاة (١٢٤٢).
(٧) انظر فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ٢ ص٢٨٢.