للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وضع هذا المسجد]

ولم تعد كثير من المساجد وقتنا الحاضر تقوم بمهمتها الرئيسية والأساسية التي أنشئت وبنيت من أجلها فلم تبن المساجد من أجل العبادة فقط، حيث إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (١)» وإنما مهمة المسجد أن يكون مدرسة ومعهدا ومعملا لتخريج القادة والدعاة، والذين بمقدورهم أن يأخذوا على عاتقهم إصلاح المجتمع وجعله صالحا يرضى عنه الله ورسوله.

فلقد حيل في عصرنا الحاضر بين المسجد وبين أهدافه هذه، فلم يعد يقوم بالدور الرائد في توجيه وتوعية الناس؛ وذلك لأن المسجد لم يعد يضم بين جنباته معظم أصحاب الفكر وكبار القوم ومن بيدهم مقاليد الأمور، لأن هؤلاء الطبقة من المجتمع باتوا في معزل عن المسجد، لأن واجباتهم اليومية وأعمالهم الحيوية، ومصالحهم المادية قد سيطرت على تفكيرهم.

ولعل من الإنصاف أن نقول: أن من استطاع الجمع بين واقع العمل المزدحم بالمسئوليات وبين الواجب الديني الملقى على عاتقه، أي من استطاع الجمع بين أمر الدين وأمر الدنيا هم قلة وليسوا بكثر، بل هم من الندرة بمكان، وهذا النادر يدفعنا للتفكير والتنهيج لدراسة الحلول الزمنية المقتضية لحل مثل هذه الأزمة ألا وهي إعادة المسجد لعالميته ورسالته في نشر هداية القرآن ودعوة الإسلام ألا وهي: العمل على استدراك عودة القوى العملاقة الاقتصادية وسواها القادرة على النهوض بأعباء المسجد وضرورياته ولوازمه، وترك ما هو ضروري للأجيال الصاعدة في ميدان الاقتداء والاهتداء، وما هو حري بالالتزام على أقل شئون الافتراض بدل غيبة هذه القوى، أو ما جرى عليه البعض من اللامبالاة.


(١) رواه البخاري.