للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

-صلى الله عليه وسلم- أولياء الجارية والرعاة لا يدل على عدم المشاورة ولا على ثبوتها، فلا يصح أن يخصص هذان الحديثان أدلة عموم القصاص بالقتل العمد العدوان، ثم إن العرنيين جمعوا بين جريمة القتل والسرقة والتمثيل أو الردة فقتلوا حدا، ولا يلزم منه أن يقتل حدا كل من لم يحصل منه إلا القتل وحده، وإن كان غيلة. ثم مراعاة المماثلة في تنفيذ العقوبة دليل على أن قتل اليهودي بالجارية كان قصاصا.

جـ - ما رواه الواقدي قال: حدثني اليمان بن معن عن أبي وجزة قال: دفن ثلاثة نفر يوم أحد في قبر، النعمان بن مالك ومجذر بن زياد وعبدة بن الحسحاس، ثم ذكر قصة قتل مجذر بن زياد، وفيها «أن الحارث بن سويد قتل مجذر بن زياد يوم أحد غيلة بأبيه سويد بن الصامت الذي قتله مجذر بن زياد في الجاهلية غدرا، وكان ذلك مما هيج وقعة بعاث، فأخبر جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الحارث قتل مجذرا غيلة وأمره بقتله، فلما جاء الحارث بن سويد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- ابن عويم ساعدة أن يضرب عنقه بقتله مجذرا غيلة»، وبنو مجذر حضور عند النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يستشر أحدا منهم، قال المستدلون بالقصة: دل ذلك على أن القاتل غيلة يقتل حدا لا قودا ولا عفو فيه لأولياء الدم والسلطان.

ونوقش بأن الواقدي مختلف فيه فوثقه جماعة، وضعفه آخرون، بل رماه جماعة بالكذب في الحديث، ووضعه منهم أحمد بن حنبل والنسائي، وأيضا في سنده اليمان بن معن، وهو مجهول، وأيضا في سنده انقطاع (١) وعلى ذلك لا تقوم به حجة ولا يصلح لتخصيص عموم أدلة القول الأول.

وأما الآثار فمنها أولا: ما ثبت أن عمر -رضي الله عنه- أمر بقتل جماعة اشتركوا في قتل غلام غيلة بصنعاء، وقال: لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم به، وفي رواية: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا) فهذا حكم الخليفة الراشد في قتل الغيلة، ولم ينقل أنه استشار أحدا من أولياء الدم ولو كان


(١) يرجع إلى الصفحة ٣١ من الأعداد.