للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما نزلت الآية الكريمة: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (١)، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «هم قوم هذا»، يعني أبا موسى الأشعري (٢)، وكانت خيبر أول مشاهد أبي موسى (٣) وكانت غزوة خيبر في شهر محرم من السنة السابعة الهجرية، ولما فتح المسلمون خيبر كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشركوا جعفرا وأصحابه بالغنيمة، ففعلوا (٤) نستطيع أن نتبين مما سبق أن إسلام أبي موسى الأشعري وإخوته كان قديما، فقد قدموا مكة للتكسب، وكانت مكة مركزا دينيا ومركزا تجاريا، يجد فيها من لا يجد في بلده وسيلة للعيش وعملا يعينه على كسب قوته وقوت من يعول، وكان أهل اليمن منذ القدم حتى اليوم يقصدون مكة للتكسب بوسيلة أو بأخرى. وكان لا بد لمن يلجأ إلى مكة من موطنه، أن يحالف أحد سادات قريش ليعيش في كنفه آمنا مطمئنا، فحالف أبو موسى سعيد بن العاص أبا أحيحة، فلما علم بأخبار النبي صلى الله عليه وسلم التي شاعت بين الناس في مكة وما حولها ومن حولها، أسلم وأسلم إخوته الذين كانوا معه، ولم تقف قريش مكتوفة الأيدي تجاه الإسلام والمسلمين بعد تفشي الإسلام في مكة، فقاومت الإسلام والمسلمين مقاومة لا هوادة فيها ولا رحمة، فهاجر من هاجر من المسلمين إلى الحبشة، وعلى رأسهم جعفر بن أبي طالب، وعاد أبو موسى أدراجه إلى بلده اليمن وإلى قومه، ليعيش بين


(١) سورة المائدة الآية ٥٤
(٢) طبقات ابن سعد (٤/ ١٠٧).
(٣) طبقات ابن سعد (٦/ ١٦).
(٤) طبقات ابن سعد (٢/ ١٠٨).