للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في آثار من توجه إلى وادي أوطاس - بين مكة والطائف - وعقد له لواء، فكان معه في سريته سلمة بن الأكوع، فكان يحدث قائلا: " لما انهزمت هوازن عسكروا بأوطاس عسكرا عظيما، تفرق منهم من تفرق، وقتل من قتل، وأسر من أسر، فانتهينا إلى عسكرهم فإذا هم ممتنعون، فبرز رجل فقال: من يبارز؟ فبرز له أبو عامر فقال: اللهم اشهد! فقتله أبو عامر، حتى قتل تسعة كذلك. فلما كان التاسع، برز له فارس معلم، ينحب (١) للقتال، فبرز له أبو عامر وقتله.

فلما كان العاشر، برز رجل معلم بعمامة صفراء، فقال أبو عامر: اللهم اشهد! فقال صاحب العمامة الصفراء: اللهم لا تشهد! فضرب أبا عامر فأثبته، فاحتملناه وبه رمق، واستخلف أبا موسى الأشعري، وأخبر أبو عامر أبا موسى أن قاتله صاحب العمامة الصفراء، وأوصى أبو عامر إلى أبي موسى، ودفع إليه الراية وقال: " ادفع فرسي وسلاحي للنبي صلى الله عليه وسلم. وقاتلهم أبو موسى، حتى فتح الله عليه، وقتل قاتل أبي عامر وجاء بفرسه وتركته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إن أبا عامر أمرني بذلك، وقال: قل لرسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لي. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين، ثم قال: «اللهم اغفر لأبي عامر، واجعله من أعلى أمتي في الجنة (٢)»، وأمر بتركة أبي عامر، فدفعت إلى ابنه. فقال أبو موسى: إني أعلم أن الله قد غفر لأبي عامر يا رسول الله، قتل شهيدا، فادع الله لي. فقال: «اللهم اغفر لأبي موسى، واجعله في


(١) نحب أجهد السير، انظر الصحاح (٢٢٢).
(٢) صحيح البخاري المغازي (٤٣٢٣)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤٩٨)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٩٩).