للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمعروف، كما قال جل وعلا: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (١) {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (٢) فحق عليهم - بعدم التناصح، وراحة النفس بالجريمة التي يعملها الآخرون - أن وجب عليهم لعن الله، وهو الطرد من رحمته جل وعلا.

والعصيان والاعتداء جريمة؛ لأن في ذلك مجاوزة لحدود الله التي حد لعباده، وأعظم الجرائم عصيان الله في أمره، والاستكبار على شرعه، كما فعل إبليس- لعنه الله- حيث أخرجه ذلك من رحمة الله واستحق مقته وغضبه إلى الأبد، فأعظم بها من خسارة، قال ابن كثير في تفسيره: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي، نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم (٣)» قال يزيد، وأحسبه قال: «في أسواقهم، وواكلوهم وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس فقال: لا والذي نفسي بيده، حتى تأطروهم على الحق أطرا (٥)» وفي رواية ابن مسعود رضي الله عنه: «كلا والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، أو تقصرنه على الحق قصرا (٦)».

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأسس المتينة، التي تقي المجتمعات من الجريمة، وبهيمنة الرجال العارفين لما يدعون إليه المدركين حقيقة ما ينهون عنه بحكمة وموعظة حسنة يمكن بتوفيق من الله، وبالنية المخلصة، والصدق في القول والعمل - حماية للأمة من تسلط فئة نبت الشر في قلوبهم، وفقدوا هيمنة الرقابة الذاتية لنقص إيمانهم، والرقابة الأسرية


(١) سورة المائدة الآية ٧٨
(٢) سورة المائدة الآية ٧٩
(٣) سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٠٤٧)، سنن أبو داود الملاحم (٤٣٣٦)، سنن ابن ماجه الفتن (٤٠٠٦).
(٤) سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٠٤٧)، سنن أبو داود الملاحم (٤٣٣٦)، سنن ابن ماجه الفتن (٤٠٠٦).
(٥) سورة البقرة الآية ٦١ (٤) {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}
(٦) تفسير ابن كثير ٢: ٨٣.