للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو الحد الأدنى للقطع كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين بذلك، فرد عليه ابن القيم رحمه الله:

عز الأمانة أغلاها وأرخصها ... ذل الخيانة فافهم حكمة الباري

فالحدود والتجرؤ عليها، وعدم الوقوف عند شرع الله الذي شرع لعباده، هذه الأمور هي التي تذل صاحبها، فيستوجب الحد الذي يزجره، ويخيف غيره مما قد تسول له نفسه، بعد ما يعرف المصير.

- حد القتل عمدا، وتوضيح حقيقة العمد، حيث أفاض المفسرون والفقهاء في ملابسات القتل، ومعرفة الدوافع إليه، والتمييز بين القتل عمدا، والقتل خطأ، وما يدخل في عمد الخطأ، وخطأ العمد، وما يستوجب قصاصا، أو يفادى عنه بدية، إلى غير ذلك من تفاصيل أوضحها الفقهاء أحكاما تزجر النفوس عن العدوان، وتشفي غيظ المجني عليه، وتحفظ النفوس والأطراف، وطهرة للمقتول، وحياة للنوع الإنساني، كما قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} (١).

كما أوضح الله سبحانه وتعالى في سورة النساء قيمة النفس البشرية، وحرمتها وجزاء الاعتداء عليها: جزاء دنيويا وجزاء أخرويا، فقال جل وعلا: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} (٢) إلى آخر الآية، ثم يقول سبحانه في الآية بعدها مشددا في عقوبات القاتل المتعمد: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (٣).


(١) سورة البقرة الآية ١٧٩
(٢) سورة النساء الآية ٩٢
(٣) سورة النساء الآية ٩٣