للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونهيه بالفعل وعلى هذا يكون الفعل حسنا وطاعة ومحبوبا لله ما دام مأمورا به من الله، ثم يكون هذا الفعل نفسه قبيحا ومعصية ومكروها له تعالى ما دام منهيا عنه منه سبحانه، وحتى القائلون بالحسن والقبح العقليين من المعتزلة يقرون بأنهما يختلفان باختلاف الأشخاص والأوقات والأحوال، وبهذا التوجيه ينتفي اجتماع الضدين لاختلاف الوقت الذي يكون فيه الفعل حسنا عن الوقت الذي يكون فيه الفعل نفسه قبيحا، فلم يجتمع الحسن والقبح في وقت واحد على فعل واحد (١).

وقريب من هذا ما نقلناه فيما تقدم من كلام الشيخ محمد حمزة في كتابه (دراسات في الإحكام والنسخ) من جوابه المحكم على فرية اليهود وشبهة المستشبهين وما انتهى إليه من أن قول المنكرين: إن ما طلبه الله لحسنه، فلو نهى عنه لأدى ذلك إلى أن ينقلب الحسن قبحا، وهو محال مردود - بأن الإحالة إنما تكون إذا اجتمع الأمر والنهي في فعل واحد من مأمور واحد في زمن واحد، وفرض المسألة غير ذلك، فإن المصالح تختلف باختلاف الأوقات. . . إلخ (٢).


(١) مناهل العرفان ج٢ ص١٩٩ - ٢٠١.
(٢) راجع ص١٨ - ١٩ من هذا البحث.