للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: في قوله {مَا نَنْسَخْ} (١) فإنهم اختلفوا فيه على وجهين فقرأ عبد الله بن عامر الشامي وحده (ما ننسخ) بضم النون وكسر السين. وقرأ الباقون {مَا نَنْسَخْ} (٢) بفتح النون والسين.

والموضع الثاني: قوله تعالى {أَوْ نُنْسِهَا} (٣) وقد اختلفوا في قراءته على خمسة أوجه بعضها معروف وبعضها شاذ. فقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه (أو ننساها). بألف وكذلك قرأ النخعي ومجاهد وعبيد بن عمير وعبد الله بن كثير وأبو عمرو بن العلاء وقرأها علي رضي الله عنه {أَوْ نُنْسِهَا} (٤) بنون مضمون من غير ألف ومن غير همزة وبه قرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي ويعقوب الحضرمي وهي أيضا قراءة الحسن وسعيد بن المسيب وقتادة.

وقرأ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه (تنساها) بالتاء لقوله عز وجل: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} (٥) وقوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} (٦)، وكذلك رواه شبابة عن أبي عمرو بن العلاء البصري وقرأها أبي بن كعب رضي الله عنه (أو ننسك) وحده. وقرأها عطاء بن أبي رباح (أو ننسئها) بياء مهموزة مكان الألف واختلاف هذه القراءة كلها معروفها وشاذها إن صحت الروايات فيها لاختلاف الغرض فتكون هذه الآية نازلة على هذه الوجوه كلها ويكون حكم ما اختلف لفظه واتفق معناه منها كقوله تعالى {فَانْفَجَرَتْ} (٧) و" انبجست " وما اختلف لفظه ومعناه منها كقوله تعالى {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} (٨) بالضاد واتفق معناه: البخيل. و (بظنين) بالظاء ومعناه المتهم (٩) ومعنى هذه الآية على قراءة الجماعة أن الله جل ذكره يخبر عن نفسه يقول ما نرفع من حكم آية ونبق تلاوتها أو ننسكها يا محمد لا تحفظ تلاوتها نأت بخير منها لكم أي نأت بآية أخرى هي أصلح لكم وأسهل في التعبد أو نأت بمثلها


(١) سورة البقرة الآية ١٠٦
(٢) سورة البقرة الآية ١٠٦
(٣) سورة البقرة الآية ١٠٦
(٤) سورة البقرة الآية ١٠٦
(٥) سورة الأعلى الآية ٦
(٦) سورة الكهف الآية ٢٤
(٧) سورة البقرة الآية ٦٠
(٨) سورة التكوير الآية ٢٤
(٩) الناسخ والمنسوخ للبغدادي ص ٥٧ - ٦٠.