للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القسم الأول هو الذي يقع فيه النسخ أما ما سواه فلا يقع فيها. وقد سمى الرجوع عن الأمر بإحداث أمر غيره نسخا وإذا ورد لفظ الكلام كلفظ الخبر ومعناه معنى الأمر جاز النسخ فيه مثل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} (١) وقوله تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} (٢) (٣).

وإذا كان مضمون الخبر مما يتغير جاز نسخه مطلقا وإليه يذهب أبو عبد الله البصري والقاضي عبد الجبار وأبو الحسين البصري وهو المختار عند الآمدي، سواء كان ماضيا أو مستقبلا وقد علل هذا الاختيار بقوله: (وذلك لأنه إذا ما دل عليه كان الإخبار متكررا والخبر عام فيه فأمكن أن يكون الناسخ مبينا لإخراج بعض ما تناوله اللفظ وأن المراد بعض ذلك المذكور كما في الأوامر والنواهي) (٤) واختار هذا القول ابن تيمية أيضا (٥) وذهب فخر الدين الرازي إلى جواز النسخ في مدلول الخبر الذي يتغير. أما أبو الحسين البصري فيجيز نسخ تلاوة الخبر كنسخ تلاوة أخبار التوراة كما يجيز نسخ الابتداء بالخبر نحو أن يأمرنا الله سبحانه أن نخبر عن شيء فيجوز أن ينسخ عنا وجوب الإخبار عنه سواء كان الخبر مما يجوز أن يتغير أو مما لا يجوز أن يتغير كالإخبار عن صفات الله سبحانه؛ لأنه لا يمتنع أن يكون في الإخبار عن ذلك مفسدة كما كان في تلاوة الجنب والحائض للقرآن مفسدة (٦) أما ابن أمير الحاج صاحب (التقرير والتحبير على تحرير الكمال بن الهمام) فيقسم مدلول الخبر إلي قسمين:


(١) سورة البقرة الآية ٢٤٠
(٢) سورة آل عمران الآية ٩٧
(٣) انظر الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ٤/ ٤٤٨ - ٤٤٩.
(٤) انظر الإحكام للآمدي ٣/ ١٤٥.
(٥) انظر المسودة لشيخ الإسلام ابن تيمية ص ١٩٧.
(٦) المعتمد لأبي الحسين البصري ١/ ٤٢١.