للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦ - قوله تعالى {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} (١). الآية. توهم قوم أن هذا منسوخ بقوله تعالى {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} (٢). وليس الأمر كذلك وإنما هو على أحد وجهين:

الأول: أن يكون تحريم وطء الحائض نزل قبل إباحة الوطء ليلة الصيام فنزل ذلك وقد استقر في أنفسهم تحريم وطء الحائض فصارت المباشرة المباحة مخصوصة ليل الصوم في غير الحائض من زوجة وأمة.

الثاني: أن يكون تحريم وطء الحائض نزل بعد هذه الآية فتكون مبينة لها ومخصصة أنها في غير ذوات الحيض فلا يجب أن يدخل هذا في الناسخ والمنسوخ (٣) وممن وهم في هذا الباب ابن خزيمة في كتابه (الناسخ والمنسوخ) فقد اشتبه عليه التخصيص بالنسخ فعد كثيرا منه نسخا كاعتباره آية {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (٤). الآية منسوخة بالاستثناء كلها؛ لأن الله تعالى حرم جميع ذلك ثم أباحها للمضطر بقوله {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٥). وهذا تخصيص لا نسخ كما عد الاستثناء في مواضع كثيرة نسخا أيضا مثل ما جاء في قوله تعالى: {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (٦) {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} (٧) وهو كسابقه من قبيل التخصيص لا النسخ وقد عقد ابن خزيمة بابا خاصا في كتابه المومى إليه لذكر المنسوخ بالاستثناء فحصر الآيات من هذا القبيل بثلاث وعشرين آية.


(١) سورة البقرة الآية ١٨٧
(٢) سورة البقرة الآية ٢٢٢
(٣) انظر الإيضاح ص١٥٤ - ١٥٥.
(٤) سورة النحل الآية ١١٥
(٥) سورة النحل الآية ١١٥
(٦) سورة البقرة الآية ١٥٩
(٧) سورة البقرة الآية ١٦٠