للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانية: «أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار (١)» وقد مدح الله الأنصار على قيامهم بواجبهم خير قيام قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٢) واعتبر القرآن من صفات المؤمنين أنهم يطعمون الطعام للمحتاج على حبهم إياه وشهوتهم له ابتغاء وجه الله. قال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (٣) {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} (٤).

الثالثة: حث الرسول صلى الله عليه وسلم على إحياء الأرض الموات وجعلها ملكا لمن يحييها فقال عليه الصلاة والسلام: «من أعمر أرضا ليست لأحد فهو أحق (٥)» وهذا الحديث يدل بوضوح على أن سبب ملك الأرض إعمارها وإحياؤها لا مجرد التحجير عليها ولذلك كان عمر يقول: (من عطل أرضا ثلاث سنين لم يعمرها فجاء غيره فهي له) (٦) وتحجير الأرض ثلاث سنين فأكثر بدون تعميرها لا يكون إلا من الأغنياء عادة لعدم حاجتهم الماسة لإعمارها بخلاف الفقير فإنه لا ينتظر هذه الفترة، فهو يستغل الأرض من أول يوم بتعميرها حتى يستفيد من إنتاجها الذي هو في أمس الحاجة إليه.


(١) ثبت هذا في صحيح البخاري في كتاب مناقب الأنصار وفي صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين صحابته رضي الله عنهم ٤/ ١٩٦٠
(٢) سورة الحشر الآية ٩
(٣) سورة الإنسان الآية ٨
(٤) سورة الإنسان الآية ٩
(٥) رواه البخاري في كتاب الحرث والمزارعة باب من أحيا أرضا مواتا ٣/ ٧٠ ورواه البخاري تعليقا في نفس الكتاب والباب عن عمر رضي الله عنه بلفظ (من أحيا أرضا مواتا)
(٦) الخراج ليحيى بن آدم ص٢٩١، الأموال لأبي عبيد ص٣٦٧.