للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أهل الاجتهاد، ويجوز له أن يفتي ويقضي، ومن لم يعرف ذلك لم يعرف من أهل الاجتهاد ولم يجز له أن يفتي ولا أن يقضي، فإن قلد القضاء كان حكمه باطلا وإن وافق الصواب لعدم الشرط.

٥ - قال (١) الخرقي " رحمه الله ": ولا يولى قاض حتى يكون بالغا عاقلا مسلما حرا عادلا عالما فقيها ورعا.

٦ - قال (٢) ابن قدامة - رحمه الله: الشرط الثالث أن يكون من أهل الاجتهاد، وبهذا قال مالك والشافعي وبعض الحنفية، وقال بعضهم: يجوز أن يكون عاميا فيحكم بالتقليد؛ لأن الغرض منه فصل الخصائم، فإذا أحكمه ذلك بالتقليد جاز كما يحكم بقول المقومين.

ولنا قول الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (٣) ولم يقل بالتقليد، وقال: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} (٤) وقال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (٥) وروى بريدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «القضاة ثلاثة، اثنان في النار وواحد في الجنة، رجل علم الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار، ورجل جار في الحكم فهو في النار (٦)» رواه ابن ماجه. والعامي يقضي على جهل.

ولأن الحكم آكد من الفتيا لأنه فتيا وإلزام، ثم المفتي لا يجوز أن يكون عاميا مقلدا فالحكم أولى. . . ويخالف قول المقومين؛ لأن ذلك لا يمكن الحاكم معرفته بنفسه بخلاف الحكم.

وبعد أن شرح الاجتهاد قال: وقد نص أحمد على اشتراط ذلك للفتيا والحكم في معناه. فإن قيل: هذه شروط لا تجتمع فكيف يجوز


(١) المغني والشرح ١١/ ٣٨٠.
(٢) المغني والشرح ١١/ ٣٨٢، وما بعدها.
(٣) سورة المائدة الآية ٤٩
(٤) سورة النساء الآية ١٠٥
(٥) سورة النساء الآية ٥٩
(٦) سنن أبو داود الأقضية (٣٥٧٣)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣١٥).