للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى (فرض) أحرم، عبر عن الإحرام بالفرض لينبه على أن المحرم يجب عليه أداء النسك الذي أحرم به، ولا يجوز له رفضه، وإن كان هذا النسك قبل الإحرام به ليس بواجب عليه. . ثم نهى سبحانه عن تعاطي الأمور التي تتنافى مع الإحرام من الأقوال والأفعال فقال سبحانه: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (١). وجاء هذا النهي بصيغة النفي ليكون آكد وأبلغ في الابتعاد عن هذه الأمور.

والرفث معناه: الجماع ودواعيه من النظر والمباشرة والتحدث به، بل قد نهي حال الإحرام عن الخطبة وعقد النكاح، قال الإمام ابن كثير: أي من أحرم بالحج أو العمرة فليجتنب الرفث وهو الجماع. كما قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} (٢). وكذا يحرم تعاطي دواعيه من المباشرة والتقبيل ونحو ذلك. وكذلك التكلم به بحضرة النساء. انتهى.

والفسوق: جميع المعاصي فلا يجوز للمسلم فعلها في جميع الأحوال. ولكن نهي عنها المحرم خصوصا لأنها تؤثر على الإحرام، وإثمها فيه أشد، ولأن المفترض في المحرم أن يشتغل بالطاعات لا بضدها، ولأن الإحرام مظنة التوبة من المعاصي، فإذا فعلها المحرم دل على إصراره عليها وهذا ما يتنافى مع الغرض المطلوب من الإحرام، وقد فسر الفسوق بأنه فعل شيء من محظورات الإحرام. وفسر بأنه إتيان المعاصي في الحرم. وفسر بأنه السباب، وفسر بأنه الذبح للأصنام، ولا تنافي بين هذه التفاسير، فإن لفظ الفسوق يشملها كلها فهي من أفراد الفسوق، قال الإمام الشوكاني: ولا يخفى على عارف أن إطلاق اسم الفسوق على فرد من أفراد المعاصي لا يوجب اختصاصه به. انتهى. أقول: ومن أعظم الفسوق محاولة جعل موسم الحج وساحات المشاعر المقدسة مجالا للمهاترات والمظاهرات والهتافات والشعارات القومية وإحياء


(١) سورة البقرة الآية ١٩٧
(٢) سورة البقرة الآية ١٨٧