للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمدا صلى الله عليه وسلم بدعوة البشرية كلها. قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (١). وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (٢) {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ} (٣). وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (٤) وقد كلفت هذه الأمة بما كلف به رسولها صلى الله عليه وسلم من القيام بدعوة البشرية إلى الله عز وجل قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ} (٥).

قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله: يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين: الإنس والجن آمرا له أن يخبر الناس أن هذه سبيله: أي طريقته ومسلكه وسنته وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. يدعو إلى الله بها على بصيرة من ذلك ويقين وبرهان، هو وكل من اتبعه يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على بصيرة ويقين وبرهان عقلي وشرعي اهـ. فالدعوة إلى الله تعالى واجبة على هذه الأمة وحق للبشرية عليها، وهذا الوجوب يكون فرض كفاية إذا قام به من يكف من الأمة سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يقم به أحد أو قام به من لا تحصل به الكفاية أثم كل أفراد الأمة ممن عنده الاستطاعة قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (٦).

قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله: والمقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن، وإن كان ذلك واجبا على كل فرد من الأمة بحسبه، كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم


(١) سورة الفرقان الآية ١
(٢) سورة الأحزاب الآية ٤٥
(٣) سورة الأحزاب الآية ٤٦
(٤) سورة سبأ الآية ٢٨
(٥) سورة يوسف الآية ١٠٨
(٦) سورة آل عمران الآية ١٠٤