للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (١)». وفي رواية: «وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل (٢)» انتهى.

وأخبر سبحانه وتعالى أن الدعاة إلى الله هم أحسن الناس قولا، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (٣). قال الحافظ ابن جرير - رحمه الله: يقول تعالى ذكره: ومن أحسن أيها الناس ممن قال ربنا الله ثم استقام على الإيمان به والانتهاء إلى أمره ونهيه، ودعا عباد الله إلى ما قال وعمل به من ذلك. وقال الإمام الشوكاني: والأولى حمل الآية على العموم كما يقتضيه اللفظ، فكل من جمع بين دعاء العباد إلى ما شرعه الله وعمل عملا صالحا وهو تأدية ما فرض الله عليه مع اجتناب ما حرمه الله عليه، وكان من المسلمين دينا لا من غيرهم فلا شيء أحسن منه، ولا أوضح من طريقته، ولا أكثر ثوابا من عمله. . انتهى.

إن الدعوة إلى الله تعالى لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي أعظم المهمات التي بعث من أجلها الرسول صلى الله عليه وسلم وكلف بها هو وأتباعه قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (٤) والدعوة إلى الله تسبق القتال في سبيل الله فقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو الكفار إلى الله قبل أن يقاتلهم، وكان يوصي قواده وجيوشه وسراياه أن يبدءوا عدوهم بالدعوة قبل القتال فإن استجابوا قبلوا منهم وإلا قاتلوهم.

إن الدعوة إلى الله في هذا الزمان تشتد الحاجة إليها بسبب كثرة التضليل والإلحاد ونشاط دعاة الشر والفساد والإباحية واستخدامهم مختلف الوسائل، فها هم دعاة التنصير ينتشرون في العالم ويلجون في الأدغال النائية ويستغلون جهل الشعوب وفقرها لبث شرهم، وها هي أحكام القرآن تنحى وتجعل بديلا عنها الأحكام القانونية في غالب الدول الإسلامية، ووسائل الإعلام في أغلب


(١) صحيح مسلم الإيمان (٤٩)، سنن الترمذي الفتن (٢١٧٢)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٠٩)، سنن أبو داود الصلاة (١١٤٠)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٧٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٥٤).
(٢) صحيح مسلم الإيمان (٥٠).
(٣) سورة فصلت الآية ٣٣
(٤) سورة يوسف الآية ١٠٨