للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥ - جهاده:

لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة مهاجرا من مكة كانت سن زيد بن ثابت إحدى عشرة سنة (١). ولكنه كان فتى مؤمنا صادق الإيمان، وبحلول رسول الله المدينة المنورة واحتضانه زيد بن ثابت منذ حلوله وتكليفه بأعباء تنوء عنها الرجال كتعلم لغة اليهود، وكتابة الوحي، قد نما الإيمان في قلب زيد، وزادت الرؤية عنده وضوحا في معرفة الحق وأهل الحق، والباطل وأهل الباطل، واشتد الحماس لديه للحق وأهله، وأن الحق يجب أن يعلو ويظهر بقوة الحجة التي يحملها، وإلا فبالقوة إن استعملت القوة في إخفاء صوت الحق وتحطيم أهله.

ولذلك رأينا يوم بدر - في السنة الثانية من الهجرة - زيد بن ثابت وهو لم يتم الخامسة عشرة من عمره يتقدم بكل ثقة ليكون بين صفوف المجاهدين في بدر، ولاحظ رسول الله وجود زيد بن ثابت بين صفوف المجاهدين، فاستصغره ورده صلوات الله وسلامه عليه، (٢)، لأن الحرب لا يفلح فيها إلا ذو زند مفتول، وزيد لما يبلغ ذلك بعد.

ولما كان يوم أحد - في السنة الثالثة للهجرة - اشترك فيه زيد بن ثابت - كما تذكر بعض الروايات، وإن كانت بعض الروايات الأخرى تقول


(١) تهذيب التهذيب ٣/ ٣٩٩ وصفة الصفوة ١/ ٤ / ٧٠
(٢) الإصابة الترجمة رقم ٢٨٨٢ وتاريخ الطبري ٢/ ٤٧٧ و ٥٠٥