للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير القرآن بالقرآن أو بالسنة]

رأى ابن الجوزي بثاقب نظره وعميق فكره أن القرآن الكريم قد اشتمل على إيجاز وإطناب وعموم وخصوص وإطلاق وتقييد وما جاء موجزا في مكان قد بسط في مكان آخر، فكان لا بد من تفسير الموجز بالمبسوط. فكان يذكر الآية التي تقابل أو تفسر أو توضح الآية التي يقوم بتفسيرها، ونلمس ذلك واضحا في تفسيره: فمثلا عند قوله تعالى {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (١) الآية ٣٧ من سورة البقرة ". قال: وفي الكلمات أقوال:

أحدها:

أنها قوله تعالى: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٢) الآية ٢٣ من سورة الأعراف. وفي قوله تعالى: {فَتَابَ عَلَيْهِ} (٣) قال: أصل التوبة الرجوع، فالتوبة من آدم رجوعه عن المعصية وهي من الله تعالى رجوعه عليه بالرحمة، وإنما لم يذكر حواء في التوبة لأنها لم يجر لها ذكر. لا أن توبتها لم تقبل، وقال قوم: إذا كان معنى فعل الاثنين واحدا جاز أن


(١) سورة البقرة الآية ٣٧
(٢) سورة الأعراف الآية ٢٣
(٣) سورة البقرة الآية ٣٧