للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشديد على استيعاب السنة النبوية الشريفة والإفادة منها وتدوينها قبل أن ترفع ويقبض أهلها؛ لإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينزع العلم من الناس انتزاعا ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم (١)». . . .

وجاء في سنن الدارمي من حديث ابن مسعود قال: " تعلموا العلم قبل أن يقبض، وقبضه أن يذهب أهله (٢) ألا وإياكم والتنطع والتعمق والبدع وعليكم بالعتيق ".

ولقد امتثل الصحابة رضوان الله عليهم وتابعوهم لهذا الأمر وجدوا في الاستجابة له. ويدلنا على ذلك ما أورده الخطيب البغدادى من أن عليا رضي الله عنه قال: " تزاوروا وتذاكروا الحديث فإنكم إلا تفعلوا يدرس" (٣) وعن عمرو بن العاص أنه أتى على حلقة من قريش فقال: " ما لكم قد طرحتم هذه الأغيلمة؟ لا تفعلوا، وأوسعوا لهم في المجالس، وأسمعوهم الحديث، وأفهموهم إياه، فإنهم صغار قوم أوشك أن يكونوا كبار قوم، وقد كنتم صغار قوم، فأنتم اليوم كبار قوم " (٤).

ولقد كان ابن عباس يحث المسلمين على مذاكرة الحديث وحفظه وتبليغه بقوله: " تذاكروا هذا الحديث لا ينفلت منكم، فإنه ليس بمنزلة القرآن، القرآن مجموع محفوظ وإنكم إن لم تذاكروا هذا الحديث تفلت منكم، ولا يقل أحدكم حدثت أمس لا أحدث اليوم، بل حدث أمس وحدث اليوم وحدث غدا " (٥).


(١) أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان ١٦، ٢٥٥ (من صحيح مسلم بشرح النووي).
(٢) أخرجه الدارمي في المقدمة، باب من باب الفتيا وكره التنطع والبدع ١/ ٥٠.
(٣) شرف أصحاب الحديث: ٦٩.
(٤) شرف أصحاب الحديث: ٨٩.
(٥) شرف أصحاب الحديث: ٩٩.