للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هـ - نقول عن بعض الفقهاء المعاصرين الذين يدعون إلى هذه الفكرة:

١ - قال (١) محمد رشيد رضا: وأما الاجتهاد في المعاملات والقضاء فهو الاجتهاد الحقيقي الذي يعجز عنه أكثر الناس ولا يقوم به إلا طائفة تتفرغ للاستعداد للقضاء والفتوى والتعليم، ويلزم الإمام أو السلطان سائر الناس بالعمل باجتهادهم على ما بينته تبيينا، فإن أصاب هؤلاء الحق والعدل فلهم أجران وإن أخطئوا بعد التحري وبذل الجهد في المعرفة فلهم أجر واحد ويعذرون هم ومقلدوهم العاملون بمقتضى اجتهادهم.

٢ - قال (٢) أيضا: فما أجمعوا عليه من أمر الدين فهو الذي لا يسع مسلما تركه وما اختلفوا فيه يرد إلى الكتاب والسنة كما أمر الله تعالى بقوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (٣) أي مآلا وعاقبة، والرد في الأمور العامة منوط بأولي الأمر، وفي الوقائع الخاصة يعمل كل فرد بما ظهر له الدليل على صحته. . إلخ.

٣ - وسئل (٤) ما قولكم - دام فضلكم - في أحكام السياسة والقوانين التي أنشأها سلطان البلد أو نائبه وأمر وألزم حكام بلده وقضاته بإجرائها وتنفيذها، هل يجوز لهم إطاعته وامتثاله لإطلاق قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (٥) الآية، أم كيف الحكم؟ أفتونا مأجورين؛ لأن هذا الشيء قد عم البلدان والأقطار.

فأجاب: إذا كانت تلك الأحكام والقوانين عادلة غير مخالفة لكتاب الله وما صح من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وجب علينا أن نعمل بها إذا وضعها أولو الأمر منا وهم أهل الحل والعقد، مع مراعاة قواعد المعادلة والترجيح


(١) مجلة المنار ٤/ ٣٦٨.
(٢) فتاوى المنار رقم ٥٢٢ ص ١٤٦٦.
(٣) سورة النساء الآية ٥٩
(٤) فتاوى المنار رقم ٤٠٦.
(٥) سورة المائدة الآية ٩٢