للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما يجول بخواطرهم فإن له تأثيرا كثيرا في المنهج الجهادي، عندما يشارك في أي وقت، ودورا بارزا في ترسيخ مفهوم الجهاد من حيث التأثير في الخصوم، وإنقاص مكانتهم عند الآخرين، تعرية معايبهم، وفي الجانب الآخر: بتقوية نفوس الفئة المؤمنة، وتوضيح الحق الذي يدعون إليه، وبيان ما ينتج عن الثبات على المبدأ السليم، الذي هو من عند الله، من عواقب حميدة، تبرز آثارها بأقرب مقارنة بين حالة وحالة.

كما نلمس اليوم الآثار الإعلامية في الحروب، وتسليط كل فريق ما يملك من قدرات وجهود على ما يريد من مطلب، وما يدعو إليه من هدف، لكن مع الفارق الكبير بين الحالين في المطالب الذاتية، والوسيلة المتخذة للهدف. فالشعر الجهادي يعتمد الحماسة وتبرير الموقف والصدق في القول وعدم البهتان للآخرين، كما رسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان، والإعلام الحاضر يعتمد في الغالب على الكذب والتضليل، وتلبيس الحقائق، ولكي يكون الإعلام مقبولا ومؤثرا فإن الصدق لا بد أن يكون مطيته، لأن مبدأ الإسلام يمقت الكذب وينفر منه، ونلمس أيضا بروز مطالب الجهاد من مثل هذه الآية الكريمة التي توطن نفوس المجاهدين، وترسخ جزءا من المطلب الذي جاهدوا من أجله، لترتاح نفوسهم، فيقول سبحانه: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} (١).

وما ذلك إلا أن للجهاد مفهوما عميقا، ومطلبا عاليا، وغاية يقصد إليها المجاهد، تختلف عن مفهوم المقاتل بلا هدف، أو لمطمع دنيوي، أو أثرة نفسية، حيث تبرز مكانة المجاهد في سبيل الله من صدقه وإخلاصه مع عزته في نفسه، واعتداده بالدين الذي أرخص وجاد بنفسه وماله من أجله، لأنه استجاب لما أمر به من الدعوة إليه من أن يهان والدفاع عن حرماته، عن أن تنتهك. وهذا المطلب يدعوه لأن يكون قويا في الحق، معتمدا على الله، فاهما لما


(١) سورة النساء الآية ١٠٤