للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا ريب أن ظاهرة الإدمان على المخدرات جائحة تعم العالم بأسره، فلم تعد قاصرة على بلد دون بلد، أو قطر دون قطر، بل عمت بها البلوى وأخذ كل بلد وكل قطر نصيبه من هذا الداء الوبيل! وأصبحت المجتمعات المعاصرة تعاني ما تعاني من هذه الظاهرة التي باتت تزعزع أمن الدول وتعرض سلامة أبنائها للخطر، بل وأصبحت سببا مباشرا في انتشار أنواع كثيرة من الجرائم.

حقا إنها آفة هذا العصر ومشكلة المشاكل في هذا القرن وإن رياحها العاتية لتعصف بالعقول والنفوس والمجتمعات باذرة الخراب وزارعة المرض وحاصدة الأرواح.

حقا إنها لغم يهدد الحضارة بالتفجير والقيم بالزوال والأخلاق بالفوضى والفساد. إنها الموت والفناء معبأ في أقراص وحقن والسم متنكرا في ألف شكل وشكل، أما الضحايا فهم من جميع الأجناس والأعمار والأديان.

لذلك فقد نالت هذه الظاهرة - وما زالت - تنال اهتمام وعناية كافة الدول والهيئات الدولية وتشغل مكافحتها أذهان المصلحين في العالم للوقاية منها ودرء شرورها وأخطارها عن المجتمعات! وعقد لهذا الغرض الكثير من المؤتمرات والاجتماعات وأبرم لأجله الكثير من الاتفاقيات وكلها تؤكد عزم البشرية على محاربة ومقاومة هذه الآفة المستشرية في جسم الكثير من أبنائها.

نعم إن مقاومة هذا الخطر المحدق مسئولية تضامنية لا تهم فردا دون فرد أو تعني دولة دون أخرى، بل لا بد من تضافر كل الجهود وحشد كل الطاقات كل في موقعه وحسب إمكاناته وقدراته.

وإسهاما منا في هذا الواجب العظيم الذي يمليه علينا ديننا وأمانتنا وتأدية لواجب النصح لإخواننا المسلمين، أرى أن ألقي الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة وسلبياتها المدمرة للفرد، بل وللأسرة والمجتمع أجمع، وذلك من جميع النواحي حتى نكون على بينة من أمرها فالذكرى تنفع المؤمنين، والعاقل من اتعظ بغيره، والشقي من أتبع نفسه هواها وكانت العظة فيه لغير.