للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإسحاق وأبي ثور والمزني وهو مذهب الظاهرية والشافعي في أحد قوليه وهو رواية في مذهب أحمد واستقر عليها مذهبه مستدلين:

١ - بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (١) فجعل سبحانه قول السكران غير معتبر، لأنه لا يعلم ما يقول.

٢ - صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالمقر بالزنا أن يستنكه ليعتبر قوله الذي أقر به أو يلغى.

٣ - ولأنه مفقود الإرادة أشبه المكره.

٤ - ولأنه زائل العقل أشبه المجنون والنائم.

٥ - ولأن العقل شرط التكليف ولا يتوجه التكليف إلى من لا يفهمه.

الترجيح: والراجح القول الثاني وهو أنه لا يقع طلاق السكران وهو ما رجحه ابن حزم الظاهري وابن تيمية وابن القيم رحمهم الله تعالى، وذلك للأسباب الآتية:

١ - قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (٢) الآية. ففي هذا النهي إشارة إلى أن ما يقوله السكران- وهو في حالة سكره- غير معتد به.

٢ - قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} (٣) سورة المائدة آية ٨٩. ولا شك أن الطلاق يمين واليمين لا يعتد بها إلا إذا كانت صادرة عن عزيمة بقصد الحمل على فعل شيء أو تركه وهذا ما يشير إليه قوله: {بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} (٤) وطلاق السكران لا يمكن أن يقال عنه: إنه صادر عن عزيمة وإرادة حقيقية، فحمل ما تلفظ به في هذا الصدد على اللغو أقرب، وقد رفعت المؤاخذة عن اللغو بنص القرآن الكريم.


(١) سورة النساء الآية ٤٣
(٢) سورة النساء الآية ٤٣
(٣) سورة المائدة الآية ٨٩
(٤) سورة المائدة الآية ٨٩