للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسم: الكعبة اليمانية (١) وقال رجل من العرب في ذي الخلصة:

لو كنت يا ذا الخلص الموتورا

مثلي وكان شيخك المقبورا

لم تنه عن قتل العداة زورا

وكان أبوه قتل، فأراد الطلب بثأره، فأتى ذا الخلصة، فاستقسم عنده بالأزلام، فخرج السهم بنهيه عن ذلك فقال هذه الأبيات، ومن الناس من ينحلها امرأ القيس بن حجر الكندي (٢).

وسار جرير إلى ذي الخلصة، على رأس مائة وخمسين فارسا، فهدم الصنم والبيت وحرقهما وعاد سالما، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم (٣) ودعا للذين كانوا معه (٤)، وسجد شكرا لله تعالى (٥).

وعن جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تكفيني ذا الخلصة؟ فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني رجل لا أثبت على الخيل، فصك في صدري، فقال: اللهم ثبته، واجعله هاديا مهديا، فخرجت في مائة وخمسين من قومي، أتيناها، فأحرقناها (٦)».

وإرسال النبي صلى الله عليه وسلم جريرا لهدم صنم قومه وحرقه، دليل على ثقته بإيمانه العميق، لأن قوم جرير كانوا من القبائل العربية التي كانت تعظم هذا الصنم في الجاهلية، كما أن تنفيذ جرير هذا الواجب دليل على تخليه نهائيا عن عقيدته التي كان عليها قبل إسلامه، وتمسكه بالإسلام تمسكا قويا صادقا.

وهكذا اقتلع جرير بذور الشرك من أصوله في تلك المنطقة، فدخل الناس في دين الله أفواجا.


(١) شرح النووي على مسلم (٥/ ١٩٤).
(٢) سيرة ابن هشام (١/ ٩١).
(٣) فتح الباري بشرح البخاري (٧/ ٩٩)، وشرح النووي على مسلم (٥/ ١٩٥).
(٤) أسد الغابة (١/ ٢٨٠).
(٥) ابن الأثير (٢/ ٣٠٤).
(٦) الاستيعاب (١/ ٢٣٨)، وانظر أسد الغابة (١/ ٢٨٠).