للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - تلبية الغريزة الجنسية واعتدالها:

تعتبر الغريزة الجنسية حقيقة في التكوين البشري، بحيث لا يمكن تجاهلها، بل تعتبر من أقوى الغرائز الملحة على الإنسان من داخله ومن خارجه، وبخاصة في المرحلة الباكرة من شباب الإنسان، بحيث يؤدي احتباسها إلى تصدع العقل وشرود الذهن وخلخلة العاطفة، قال ابن الجوزي: " ثم رأيت هذا المقصود الأصلي يتبعه شيء آخر، وهو استفراغ الماء الذي يؤدي دوام احتقانه، وكثرة اجتماعه، وطول احتباسه، إلى أمراض صعبة، لأنه يترقى بخاره إلى الدماغ " (١)، وقال ابن القيم في بيان حكمة النكاح: " والثاني: إخراج الماء الذي يضر احتباسه واحتقانه بجملة البدن " (٢).

وقد ثبت بالفعل أنه " عندما تتحرك الغرائز وتشتد على الإنسان، تفرز تلك الغرائز مادة تتسرب بالدم إلى دماغه، تخدره، فلا يعود قادرا على التفكير الصافي " (٣).

والزواج أحسن وضع جبلي لاعتدال الشهوة، لأنه " يكسر من حدة الشهوة المجنونة، لأن الإنسان يزهد بفطرته في كل شيء يملكه، فهو المنظم الطبيعي لانطلاق الشهوة وممارستها بالصورة المتوازنة التي تحول بين نحول الجسد، أو تدميره " (٤).

وهو أنسب مجال حيوي لإرواء الغريزة الجنسية على الوجه الصحيح، قال ابن القيم: " والثالث: قضاء الوطر، ونيل اللذة والتمتع بالنعمة " (٥)؛ لأن به


(١) صيد الخاطر ٦٩.
(٢) زاد المعاد ٤: ٢٤٩.
(٣) تربية الأولاد في الإسلام ١: ١٩٧، نقلا عن ألكسيس كارليل.
(٤) الثقافة الإسلامية، الكتاب الجامعي ٢: ٢٠.
(٥) زاد المعاد ٤: ٢٤٩.