للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العبادات ما يقوم عليه الإسلام من وسطية وتوازن بين كافة العلاقات؛ فالمادة لا تطغى على الروح كما في اليهودية، ولا الجانب الروحي يطغى على الجانب المادي كما في النصرانية، ولا انتصار للفرد على حساب المجتمع كما في الأنظمة الرأسمالية، ولا تسييد للمجتمع على حساب الفرد كما في الأنظمة الشيوعية (١)، بل وسطية إلهية معجزة.

ولما كانت حكمة التشريع الإسلامي من شرع العبادات لا تخاطب الوجدان بل تخاطب العقل قبل ذلك، لذلك كان إيمان كبار المفكرين في العالم وإسلامهم، ثم دفاعهم عنه بالحق شهادة على سمو الإسلام، وأبديته، يقول رجاء جارودي "الإسلام كقوة حية ليس كامنا فقط في ماضيه، إنما فيما يمكن أن يقدمه لصنع المستقبل، فهو دين وأمة، إيمان ونظام حياة متكاملان، وهو النظرة إلى الله تعالى والعالم والإنسان "، وهذه النظرة إلى الله هي نظرية عبودية حقة قوامها التوحيد: توحيد الإلهية، وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، أما النظرة إلى العالم فهي نظرة التفكر والتدبر، وأما النظرة إلى الإنسان فهي نظرة الأخوة الكاملة في ظل شرع الله الحكيم ودينه المتين، ويستلزم ذلك الإشارة إلى بعض حكم التشريع الإسلامي، المتعلقة بأركان الإسلام.

أولا: الشهادتان:

وقبل الحديث عن بعض حكم الصلاة والزكاة والصيام والحج، فإنه قد يكون من الضروري الإشارة في البداية بكلمة عن حكمة التوحيد المنبثق من


(١) د. عبد الفتاح محمد النجار، المقال السابق، ص ١١٣.