للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلاة والنحر، وشرع الهدي، أن يهدي لخير البقاع في أشرف الأزمان في أجل العبادات، فصار الذبح أحد أنساكها، على أن يساق الهدي من الحل أو قبل ذلك، تعظيما لحرمات الله وشعائره وشرائعه، وفيه من الحكمة ما لا يخفى، فهو اقتداء بالخليل صلى الله عليه وسلم حيث فدى ابنه إسماعيل بذبح عظيم، وأمر الله تعالى هذه الأمة بالاقتداء به، خصوصا في أحوال البيت الحرام، حيث تكفل الله بأرزاق سكانه، برهم وفاجرهم، ومن حكمة ذلك أيضا أنه شكر لنعمة الله تعالى بالتوفيق لحج بيته الحرام، ولهذا وجبت في حالتي التمتع والقران، وهذه العبادة شملت مشروعيتها جميع المسلمين في هذه الأيام فشرع الله لهم الأضاحي تحصيلا لفوائد هذه العبادة (١).

- وأما عن الحكمة في إيجاب الهدي على المتمتع والقارن دون المفرد بالحج فإن دم النسك عبادة مستقلة من جملة عبادات النسك، فالمتمتع عليه دم المتعة، والقارن عليه دم القران، أما المفرد فلا دم عليه، وحكمة شرع الدم في حق المتمتع والقارن، أنه شكر لنعمة الله تعالى، حيث جمع العبد بين نسكين في سفر واحد وزمن واحد، ولذا يجب أن يكون كل من المتمتع والقارن قد أحرم بالعمرة في شهر الحج، ليكون كزمن واحد، كما يجب أن يكون من المسافرين وليس من حاضري المسجد الحرام، لأن حاضريه ليس عليهم هدي، ومن اللائق شرعا، أنه إذا قدم العبد بيت الله بنسكين كاملين أن يهدي لأهل البيت. أما المفرد فلا دم عليه لأنه لم يحصل له إلا نسك واحد، فلم يأت بالعمرة إلى الآن مثل المتمتع والقارن (٢).


(١) الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، الإرشاد إلى معرفة الأحكام ١٤٠٠ هـ، الرياض، ص ٩٧ - ٩٩.
(٢) الإرشاد إلى معرفة الأحكام، ص ٩٢ - ٩٥.