للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه الأفعال مجازا كما ينسب إلى الجمادات كما يقال أثمرت الشجرة وجرى الماء. . . إلى غير ذلك. والثواب والعقاب جبر كما أن الأفعال جبر. وإذا ثبت الجبر فالتكليف أيضا كان جبرا " (١).

ب - شبهاتهم مع المناقشة

لقد تمسك الجبرية - عند قولهم بهذه البدعة - بشبهات منها ما يلي:

الشبهة الأولى: يقول الإمام شارح الطحاوية: " فمما استدلت به الجبرية قوله تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} (٢) فنفى الله تعالى عن نبيه الرمي وأثبته لنفسه سبحانه فدل على أنه لا صنع للعبد " (٣).

المناقشة: يقال لهم هذا دليل عليكم لا لكم؛ لأنه تعالى أثبت لرسوله صلى الله عليه وسلم رميا بقوله: {إِذْ رَمَيْتَ} (٤) فعلم أن المثبت غير المنفي وذلك أن الرمي له ابتداء وانتهاء، فابتداؤه الحذف، وانتهاؤه الإصابة، وكل منهما يسمى رميا، فالمعنى حينئذ - والله تعالى أعلم - وما أصبت إذ حذفت ولكن الله أصاب.

وإلا فطرد قولهم: وما صليت إذ صليت ولكن الله صلى! ما صمت إذ صمت! وما زنيت إذ زنيت! وما سرقت إذ سرقت!! وفساد هذا ظاهر (٥).

الشبهة الثانية: يقول الإمام ابن حزم رحمه الله: " فأما من قال بالإجبار فإنهم احتجوا فقالوا: لما كان الله تعالى فعالا وكان لا يشبهه شيء من خلقه وجب ألا يكون أحد فعالا غيره " (٦).


(١) الملل والنحل جـ١، ص ١١٠ - ١١١.
(٢) سورة الأنفال الآية ١٧
(٣) شرح الطحاوية ص ٤٩٤.
(٤) سورة الأنفال الآية ١٧
(٥) شرح الطحاوية ص ٤٩٥.
(٦) الفصل جـ٣، ص٢٢ - ٢٣.