للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - الإنسان خلق محبا الخير لنفسه، كارها الشر لنفسه، يجزع منه كما قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} (١) {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} (٢) {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} (٣).

فإذا أصابه الخير بطر واغتر به، وإذا أصابه الشر جزع وحزن، ولا يعصم الإنسان من البطر إذا أصابه الخير والحزن إذا أصابه الشر إلا الإيمان بالقدر وأن ما وقع فقد جرت به المقادير وسبق به علم الله.

٤ - الإيمان بالقدر يقضي على كثير من الأمراض التي تفتك بالمجتمعات وتزرع الأحقاد بينها وذلك مثل رذيلة الحسد. فالمؤمن لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله لإيمانه بأن الله هو الذي رزقهم، وقدر لهم ذلك فأعطى من شاء ومنع من شاء ابتلاء وامتحانا منه سبحانه لخلقه، وأنه حين يحسد غيره إنما يعترض على المقدور.

٥ - الإيمان بالقدر من أكبر العوامل التي تكون سببا في استقامة المسلم وخاصة في معاملته مع الآخرين فحين يتنقصه أحد أو يسيء إليه أو يرد إحسانه بالإساءة، أو ينال من عرضه بغير حق تجده يعفو؛ لأنه يعلم أن ذلك مقدور وهذا يحسن في حق نفسه، أما في حق الله فلا يجوز العفو والتعلل بالمقدور، لأن القدر يحتج به في المصائب لا في المعايب.

٦ - الإيمان بالقدر يغرس في نفس المؤمن حقائق الإيمان المتعددة، فهو دائم الاستعانة بالله يعتمد على الله ويتوكل عليه مع فعل الأسباب، وهو أيضا دائم الافتقار إلى ربه تعالى يستمد منه العون على الثبات ويطلب منه المزيد، وهو


(١) سورة المعارج الآية ١٩
(٢) سورة المعارج الآية ٢٠
(٣) سورة المعارج الآية ٢١