للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك أبو حنيفة ومحمد وأكثر الحنفية والمالكية، وسواء عندهم ما هو نجس لعينه، وما هو نجس لمعنى فيه، ووافقهم الشافعية في النجس لمعنى فيه، كجلد الميتة. وأما الحنابلة فمنهم من يقول بالطهارة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو مذهب الظاهرية، وفيما يلي ذكر نصوصهم في ذلك وأدلتهم مع المناقشة.

جاء في البحر الرائق: من الأمور التي يكون بها التطهير انقلاب العين - ومضى إلى أن قال - وإن كان في غيره - أي الخسر - كالخنزير والميتة تقع في المملحة فتصير ملحا يؤكل، والسرجين والعذرة تحترق فتصير رمادا تطهر عند محمد (١). وقال أيضا وضم إلى محمد أبا حنيفة في المحيط وكثير من المشائخ اختاروا قول محمد، وفي الخلاصة وعليه الفتوى وفي فتح القدير أنه المختار (٢).

والمالكية يذهبون إلى أن ما استحال إلى صلاح فهو طاهر وأن ما استحال إلى فساد كان نجسا، جاء في الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه من الطاهر لبن الآدمي ولو كافرا، لاستحالته إلى الصلاح (٣).

ثم جاء في موضع آخر إذا تغير القيء، وهو الخارج من الطعام بعد استقراره في المعدة، كان نجسا وعلة نجاسته الاستحالة إلى فساد، فإن لم يتغير كان طاهرا (٤).

واعتبر المالكية كذلك أن المسك طاهر، ففي الحطاب الحكم بطهارة المسك؛ لأنها استحالة عن جميع صفات الدم، وخرجت عن اسمه إلى صفات وإلى اسم يختص به، وطهرت بذلك، كما يستحيل الدم وسائر ما يتغذى به الحيوان من النجاسات إلى اللحم، فيكون طاهرا. انتهى (٥).

وفرق الشافعية بين ما هو نجس لعينه، وما هو نجس لمعنى فيه؛ فأما الأشياء


(١) البحر الرائق ص١/ ٢٣٩.
(٢) البحر الرائق ص١/ ٢٣٩.
(٣) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ص٥٠.
(٤) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ١/ ٥٧.
(٥) مواهب الجليل ١/ ٩٧.