للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[غزوة الخندق أو الأحزاب]

وقدم نفر من اليهود على قريش ودعوهم إلى حرب محمد واستئصال قوته، وكان ذلك في شوال سنة خمس، فخرجت قريش وعلى رأسها أبو سفيان، وخرجت غطفان وعلى رأسها عيينة بن حصن، فلما سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخروجهم ضرب الخندق حول المدينة، وأقبلت قريش في عشرة آلاف ومعهم الأحابيش وأهل كنانة وتهامة فنزلوا بمجتمع الأسيال وأقبلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد فنزلوا إلى جانب أحد، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فجعلوا ظهورهم إلى سلع (جبل بالمدينة) وكان عدتهم ثلاثة آلاف، واشتد خوف المسلمين حين أتاهم أعداؤهم في تلك الجموع الكثيفة من فوقهم ومن أسفل منهم، وطال الحصار ولم يقع خلاله إلا بعض مبارزات بين أفراد من المشركين اقتحموا الخندق وبين بعض أبطال المسلمين.

وأوقع الله الفتنة بين قريش وغطفان من جانب وبين بني قريظة (اليهود) من جانب آخر، ثم بعث الله عليهم الريح في ليال شاتية البرد فكفأت قدورهم وأطارت خيامهم فطاروا مع الريح وطارت معها شوكتهم، وشتت الله شملهم ثم خرج الرسول صلوات الله وسلامه عليه إلى بني قريظة فحاصرهم ثم حكم فيهم سعد بن معاذ، فحكم بقتلهم، وقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة.

وقد صور كعب بن مالك غزوة الخندق في قصيدة مطلعها:

وسائلة تسائل ما لقينا ... ولو شهدت أرتنا صابرينا

ومنها:

بباب الخندقين كأن أسدا ... شوابكهن يحمين العرينا

إلى قوله:

كما قد ردكم فلا شريدا ... بغيظكم خزايا خائبينا